17 novembre 2012

تونس الثقافة، في عهد الرداءة


لست من هواة الفن السابع ولكنني أواظب منذ سنوات على متابعة بعض الأفلام في إطار مهرجان قرطاج السينمائي. هذا المهرجان يمثل فرصة لمشاهدة آخر الأفلام التونسية و الإطلاع على ثقافات أخرى بعيدا عن مؤثرات الأفلام الأميركية فمتابعة فيلم من السنغال أو أنغولا أو شيلي أو حتى الجزائر ليست متاحة في الأيام العادية. توجهت بعد الظهيرة إلى العاصمة ممنيا نفسي بسهرة سينمائية رائعة وكان في الحسبان أن أشاهد فيلمين أولوهما تونسي للنوري بوزيد. أول ما شد انتباهي غياب التنظيم والتدافع عند الدخول. جلست في أحد المقاعد انتظر كغيري بداية العرض. مرت الدقائق واقتربت ساعة العرض ولكن لا الأضواء انطفأت وأحد إعتلى المنصة لتقديم الفيلم. تجاوزنا ساعة العرض بدقائق وبدأ الإمتعاض يعم القاعة. فجأة أطل علينا النوري بوزيد ليعتذر عن إستحالة عرض الفيلم لظروف تقنية. بدى الحزن والتأثر على وجهه. كثرت التأويلات والإحتجاجات في صفوف الحاظرين. كان هناك شعور عند العديد بأن المشكل مفتعل والهدف منع الفيلم من العرض. قبل عرض هذا الفيلم كان الموعد مع ثلاثة أفلام قصيرة غاب الاصوت في الأول وجودة الصورة في الثاني والنهاية في الثالث. كل هذا بعد يوم إفتتاحي كارثي اتسم بقلة التنظيم وعدم إحترم أوقات العرض.



لقد كان مهرجان قرطاج ولا يزال وحدا من أهم المهرجانات السينمائية الإقليمية وهو فرصة لإبراز السينما التونسية وتصديرها إلى الخارج. ولكن مثل هذه الأخطاء  وسوء التنظيم سيضر بصورة المهرجان وصورة تونس خاصة. الحضور الأجنبي كان كبيراً في العرض من مشاهدين وصحافيين. لا أدري بأي صورة عن تونس سوف يعودون. في ظرف شهر تفشل وزارة الثقافة على تسويق صورة جيدة عن تونس. فبعد أن جعلت من معرض تونس للكتب مرتعاً للمشعوذين والسحرة وباعة البخور والتعويذات والطلاسم، ها هي بداية كارثية لمهرجان ذو إشعاع دولي. دون أن ننسى أن الوزارة تنكرت لكل المبدعين و اشترت معلقة  المهرجان من الخارج. أي وزارة هذه التي لا تشجع مبدعيها ولا تثق فيهم. هل نحن عاجزون عن إنتاج معلقة لمهرجان؟ في تونس أصبح المثقف مهدهاً ومستباحاً يتعرض للضرب والشتم والمحاكمات. كل هذا ومهدي مبروك او "موسيو على جثتي" لا يحرك ساكنا لا هو ولا وزارته دفاعاً على المثقفين والمبدعين. إنه فعلاً وصمة عار على الثقافة في بلد أنجب الشابي والمسعدي وصليحة و الهادي الجويني وعلي بن  عياد وغيرهم. 

الثقافة تغتال في بلدي، ككل شيء جميل، لتترك مكانها للرداءة

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire